كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



وهذه إشارة من الجن إلى ما كان متعارفاً في الجاهلية وما يزال متعارفاً إلى اليوم في بيئات كثيرة من أن للجن سلطاناً على الأرض وعلى الناس، وأن لهم قدرة على النفع والضر، وأنهم محكمون في مناطق من الأرض أو البحر أو الجو.
إلى آخر هذه التصورات. مما كان يقتضي القوم إذا باتوا في فلاة أو مكان موحش، أن يستعيذوا بسيد الوادي من سفهاء قومه، ثم يبيتون بعد ذلك آمنين!
والشيطان مسلط على قلوب بني آدم إلا من اعتصم بالله فهو في نجوة منه وأما من يركن إليه فهو لا ينفعه. فهو له عدو. إنما يرهقه ويؤذيه.. وهؤلاء النفر من الجن يحكون ما كان يحدث: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً}.. ولعل هذا الرهق هو الضلال والقلق والحيرة التي تنوش قلوب من يركنون إلى عدوهم، ولا يعتصمون بالله منه ويستعيذون! كما هم مأمورون منذ أبيهم آدم وما كان بينه وبين إبليس من العداء القديم!
والقلب البشري حين يلجأ إلى غير الله، طمعاً في نفع، أو دفعاً لضر، لا يناله إلا القلق والحيرة، وقلة الاستقرار والطمأنينة.. وهذا هو الرهق في أسوأ صورة.. الرهق الذي لا يشعر معه القلب بأمن ولا راحة!
إن كل شيء سوى الله وكل أحد، متقلب غير ثابت، ذاهب غير دائم، فإذا تعلق به قلب بقي يتأرجح ويتقلب ويتوقع ويتوجس؛ وعاد يغير اتجاهه كلما ذهب هذا الذي عقد به رجاءه. والله وحده هو الباقي الذي لا يزول. الحي الذي لا يموت. الدائم الذي لا يتغير. فمن اتجه إليه اتجه إلى المستقر الثابت الذي لا يزول ولا يحول:
{وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً}..
يتحدثون إلى قومهم، عن أولئك الرجال من الإنس الذين كانوا يعوذون برجال من الجن، يقولون: إنهم كانوا يظنون كما أنكم تظنون أن الله لن يبعث رسولا. ولكن ها هو ذا قد بعث رسولاً، بهذا القرآن الذي يهدي إلى الرشد.. أو أنهم ظنوا أنه لن يكون هناك بعث ولا حساب كما ظننتم فلم يعملوا للآخرة شيئاً، وكذبوا ما وعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم من أمرها، لأنهم كانوا لا يعتقدون من قبل فيها.
وكلا الظنين لا ينطبق على الحقيقة، وفيه جهل وقلة إدراك لحكمة الله في خلق البشر. فقد خلقهم باستعداد مزدوج للخير والشر والهدى والضلال (كما نعرف من هذه السورة أن للجن هذه الطبيعة المزدوجة كذلك إلا من تمحض منهم للشر كإبليس، وطرد من رحمة الله بمعصيته الفاجرة، وانتهى إلى الشر الخالص بلا ازدواج) ومن ثم اقتضت رحمة الله أن يعين أولئك البشر بالرسل، يستجيشون في نفوسهم عنصر الخير، ويستنقذون ما في فطرتهم من استعداد للهدى. فلا مجال للاعتقاد بأنه لن يبعث إليهم أحداً.
هذا إذا كان المعنى هو بعث الرسل.
فأما بعث الآخرة فهو ضرورة كذلك لهذه النشأة التي لا تستكمل حسابها في الحياة الدنيا، لحكمة أرادها الله، وتتعلق بتنسيق للوجود يعلمه ولا نعلمه؛ فجعل البعث في الآخرة لتستوفي الخلائق حسابها، وتنتهي إلى ما تؤهلها له سيرتها الأولى في الحياة الدنيا. فلا مجال للظن بأنه لن يبعث أحداً من الناس. فهذا الظن مخالف للاعتقاد في حكمة الله وكماله. سبحانه وتعالى..
وهؤلاء النفر من الجن يصححون لقومهم ظنهم، والقرآن في حكايته عنهم يصحح للمشركين أوهامهم.
ويمضي الجن في حكاية ما لقوه وما عرفوه من شأن هذه الرسالة في جنبات الكون، وفي أرجاء الوجود، وفي أحوال السماء والأرض، لينفضوا أيديهم من كل محاولة لا تتفق مع إرادة الله بهذه الرسالة، ومن كل ادعاء بمعرفة الغيب، ومن كل قدرة على شيء من هذا الأمر:
{وأنا لمسنا السمآء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً}..
وهذه الوقائع التي حكاها القرآن عن الجن من قولهم، توحي بأنهم قبل هذه الرسالة الأخيرة ربما في الفترة بينها وبين الرسالة التي قبلها وهي رسالة عيسى عليه السلام كانوا يحاولون الاتصال بالملأ الأعلى، واستراق شيء مما يدور فيه، بين الملائكة، عن شؤون الخلائق في الأرض، مما يكلفون قضاءه تنفيذاً لمشيئة الله وقدره. ثم يوحون بما التقطوه لأوليائهم من الكهان والعرافين، ليقوم هؤلاء بفتنة الناس وفق خطة إبليس! على أيدي هؤلاء الكهان والعرافين الذين يستغلون القليل من الحق فيمزجونه بالكثير من الباطل، ويروجونه بين جماهير الناس في الفترة بين الرسالتين، وخلو الأرض من رسول.. أما كيفية هذا وصورته فلم يقل لنا عنها شيئاً، ولا ضرورة لتقصيها. إنما هي جملة هذه الحقيقة وفحواها.
وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكناً، وإنهم حين حاولوه الآن وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء وجدوا الطريق إليه محروساً بحرس شديد، يرجمهم بالشهب، فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم. ويعلنون أنهم لا يدرون شيئاً عن الغيب المقدر للبشر: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً}.. فهذا الغيب موكول لعلم الله لا يعلمه سواه. فأما نحن فلا نعلم ماذا قدر الله لعباده في الأرض: قدر أن ينزل بهم الشر. فهم متروكون للضلال، أم قدر لهم الرشد وهو الهداية وقد جعلوها مقابلة للشر. فهي الخير، وعاقبتها هي الخير.
وإذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون منه معلوماتهم عن الغيب، يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئاً، فقد انقطع كل قول، وبطل كل زعم، وانتهى أمر الكهانة والعرافة.
وتمحض الغيب لله، لا يجترئ أحد على القول بمعرفته، ولا على التنبؤ به. وأعلن القرآن تحرير العقل البشري من كل وهم وكل زعم من هذا القبيل! وأعلن رشد البشرية منذ ذلك اليوم وتحررها من الخرافات والأساطير!
أما أين يقف ذلك الحرس؟ ومن هو؟ وكيف يرجم الشياطين بالشهب؟ فهذا كله مما لم يقل لنا عنه القرآن ولا الأثر شيئاً، وليس لنا مصدر سواهما نستقي منه عن هذا الغيب شيئاً؛ ولو علم الله أن في تفصيله خيراً لنا لفعل. وإذ لم يفعل فمحاولتنا نحن في هذا الاتجاه عبث؛ لا يضيف إلى حياتنا ولا إلى معرفتنا المثمرة شيئاً!
ولا مجال كذلك للاعتراض أو الجدل حول الشهب، وأنها تسير وفق نظام كوني، قبل البعثة وبعدها ووفق ناموس يحاول علماء الفلك تفسيره، بنظريات تخطئ وتصيب. وحتى على فرض صحة هذه النظريات فإن هذا لا يدخل في موضوعنا، ولا يمنع أن ترجم الشياطين بهذه الشهب عند انطلاقها. وأن تنطلق هذه الشهب رجوماً وغير رجوم وفق مشيئة الله الذي يجري عليها القانون!
فأما الذين يرون في هذا كله مجرد تمثيل وتصوير لحفظ الله للذكر من الالتباس بأي باطل؛ وأنه لا يجوز أن يؤخذ على ظاهره.. فسبب هذا عندهم أنهم يجيئون إلى القرآن بتصورات مقررة سابقة في أذهانهم، أخذوها من مصادر أخرى غير القرآن. ثم يحاولون أن يفسروا القرآن وفق تلك التصورات السابقة المقررة في أذهانهم من قبل.. ومن ثم يرون الملائكة تمثيلاً لقوة الخير والطاعة. والشياطين تمثيلاً لقوة الشر والمعصية. والرجوم تمثيلاً للحفظ والصيانة... الخ لأن في مقرراتهم السابقة قبل أن يواجهوا القرآن أن هذه المسميات: الملائكة والشياطين أو الجن، لا يمكن أن يكون لها وجود مجسم على هذا النحو، وأن تكون لها هذه التحركات الحسية، والتأثيرات الواقعية!!!
من أين جاءوا بهذا؟ من أين جاءوا بهذه المقررات التي يحاكمون إليها نصوص القرآن والحديث؟
إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره، وفي التصور الإسلامي وتكوينه.. أن ينفض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق، وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو عقلية أو شعورية سابقة، وأن يبني مقرراته كلها حسما يصور القرآن والحديث حقائق هذا الوجود. ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث لغير القرآن، ولا ينفي شيئاً يثبته القرآن ولا يؤوله! ولا يثبت شيئاً ينفيه القرآن أو يبطله. وما عدا المثبت والمنفي في القرآن، فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته..
نقول هذا بطبيعة الحال للمؤمنين بالقرآن.. وهم مع ذلك يؤولون نصوصه هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم، وتصورات سابقة في أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود..
فأما الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، ويعتسفون نفي هذه التصورات لمجرد أن العلم لم يصل إلى شيء منها، فهم مضحكون حقاً! فالعلم لا يعلم أسرار الموجودات الظاهرة بين يديه، والتي يستخدمها في تجاربه.
وهذا لا ينفي وجودها طبعاً! فضلاً على أن العلماء الحقيقيين أخذت كثرة منهم تؤمن بالمجهول على طريق المتدينين، أو على الأقل لا ينكرون ما لا يعلمون! لأنهم بالتجربة وجدوا أنفسهم عن طريقة العلم ذاته أمام مجاهيل فيما بين أيديهم مما كانوا يحسبون أنهم فرغوا من الإحاطة بعلمه! فتواضعوا تواضعاً علمياً نبيلاً ليست عليه سمة الادعاء، ولا طابع التطاول على المجهول، كما يتطاول مدعو العلم ومدعو التفكير العلمي، ممن ينكرون حقائق الديانات، وحقائق المجهول!
إن الكون من حولنا حافل بالأسرار، عامر بالأرواح، حاشد بالقوى. وهذه السورة من القرآن كغيرها تمنحنا جوانب من الحقائق في هذا الوجود، تعين على بناء تصور حقيقي صحيح للوجود وما فيه من قوى وأرواح وحيوات تعج من حولنا، وتتفاعل مع حياتنا وذواتنا. وهذا التصور هو الذي يميز المسلم ويقف به وسطاً بين الوهم والخرافة، وبين الادعاء والتطاول. ومصدره هو القرآن والسنة. وإليهما يحاكم المسلم كل تصور آخر وكل قول وكل تفسير..
وإن هنالك مجالاً للعقل البشري معيناً في ارتياد آفاق المجهول: والإسلام يدفعه إلى هذا دفعاً.. ولكن وراء هذا المجال المعين ما لا قدرة لهذا العقل على ارتياده، لأنه لا حاجة به إلى ارتياده. وما لا حاجة له به في خلافة الأرض فلا مجال له إليه، ولا حكمة في إعانته عليه. لأنه ليس من شأنه، ولا داخلاً في حدود اختصاصه. والقدر الضروري له منه ليعلم مركزه في الكون بالقياس إلى ما حوله ومن حوله، قد تكفل الله سبحانه ببيانه له، لأنه أكبر من طاقته. وبالقدر الذي يدخل في طاقته. ومنه هذا الغيب الخاص بالملائكة والشياطين والروح والمنشأ والمصير..
فأما الذين اهتدوا بهدى الله، فقد وقفوا في هذه الأمور عند القدر الذي كشفه الله لهم في كتبه وعلى لسان رسله. وأفادوا منه الشعور بعظمة الخالق، وحكمته في الخلق، والشعور بموقف الإنسان في الأرض من هذه العوالم والأرواح. وشغلوا طاقاتهم العقلية في الكشف والعلم المهيأ للعقل في حدود هذه الأرض وما حولها من أجرام بالقدر الممكن لهم. واستغلوا ما علموه في العمل والإنتاج وعمران هذه الأرض والقيام بالخلافة فيها، على هدى من الله، متجهين إليه، مرتفعين إلى حيث يدعوهم للارتفاع.
وأما الذين لم يهتدوا بهدى الله فانقسموا فرقتين كبيرتين:
فرقة ظلت تجاهد بعقولها المحدودة لإدراك غير المحدود من ذاته تعالى، والمعرفة الحقيقية المغيبة عن غير طريق الكتب المنزلة. وكان منهم فلاسفة حاولوا تفسير هذا الوجود وارتباطاته، فظلوا يتعثرون كالأطفال الذين يصعدون جبلاً شاهقاً لا غاية لقمته، أو يحاولون حل لغز الوجود وهم لم يتقنوا بعد أبجدية الهجاء! وكانت لهم تصورات مضحكة وهم كبار فلاسفة مضحكة حقاً حين يقرنها الإنسان إلى التصور الواضح المستقيم الجميل الذي ينشئه القرآن.
مضحكة بعثراتها. ومضحكة بمفارقاتها. ومضحكة بتخلخلها. ومضحكة بقزامتها بالقياس إلى عظمة الوجود الذي يفسرونه بها.. لا أستثني من هذا فلاسفة الإغريق الكبار، ولا فلاسفة المسلمين الذين قلدوهم في منهج التفكير. ولا فلاسفة العصر الحديث! وذلك حين يقاس تصورهم إلى التصور الإسلامي للوجود.
فهذه فرقة. فأما الفرقة الأخرى، فقد يئست من جدوى هذا الاتجاه في المعرفة. فعدلت عنه إلى حصر نفسها وجهدها في العلم التجريبي والتطبيقي. ضاربة صفحاً عن المجهول، الذي ليس إليه من سبيل. وغير مهتدية فيه بهدى الله. لأنها لا تستطيع أن تدرك الله! وهذه الفرقة كانت في أوج غلوائها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ولكنها أخذت منذ مطلع هذا القرن تفيق من الغرور العلمي الجامح، على هروب المادة من بين أيديها وتحولها إلى إشعاع مجهول الكنه ويكاد يكون مجهول القانون!
وبقي الإسلام ثابتاً على صخرة اليقين. يمنح البشر من المجهول القدر الذي لهم فيه خير. ويوفر طاقتهم العقلية للعمل في خلافة الأرض. ويهيئ لعقولهم المجال الذي تعمل فيه في أمن. ويهديهم للتي هي أقوم في المجهول وغير المجهول!
بعد ذلك أخذ الجن يصفون حالهم وموقفهم من هدى الله؛ بما نفهم منه أن لهم طبيعة مزدوجة كطبيعة الإنسان في الاستعداد للهدى والضلال. ويحدثنا هذا النفر عن عقيدتهم في ربهم وقد آمنوا به. وعن ظنهم بعاقبة من يهتدي ومن يضل:
{وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرآئق قدداً وأنا ظننآ أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هرباً وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً}..
وهذا التقرير من الجن بأن منهم صالحين وغير صالحين، مسلمين وقاسطين، يفيد ازدواج طبيعة الجن، واستعدادهم للخير والشر كالإنسان إلا من تمحض للشر منهم وهو إبليس وقبيله وهو تقرير ذو أهمية بالغة في تصحيح تصورنا العام عن هذا الخلق. فأغلبنا حتى الدارسين الفاقهين على اعتقاد أن الجن يمثلون الشر، وقد خلصت طبيعتهم له. وأن الإنسان وحده بين الخلائق هو ذو الطبيعة المزدوجة. وهذا ناشئ من مقررات سابقة في تصوراتنا عن حقائق هذا الوجود كما أسلفنا. وقد آن أن نراجعها على مقررات القرآن الصحيحة!
وهذا النفر من الجن يقول: {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك}.. ويصف حالهم بصفة عامة: {كنا طرائق قدداً}.
أي لكل منا طريقته المنفصلة المقدودة المنقطعة عن طريقة الفريق الآخر.
ثم بين النفر معتقدهم الخاص بعد إيمانهم:
{وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هرباً}..
فهم يعرفون قدرة الله عليهم في الأرض، ويعرفون عجزهم عن الهرب من سلطانه سبحانه والإفلات من قبضته، والفكاك من قدره. فلا هم يعجزون الله وهم في الأرض، ولا هم يعجزونه بالهرب منها. وهو ضعف العبد أمام الرب، وضعف المخلوق أمام الخالق. والشعور بسلطان الله القاهر الغالب.
وهؤلاء الجن هم الذين يعوذ بهم رجال من الإنس! وهم الذين يستعين بهم الإنس في الحوائج! وهم الذين جعل المشركون بين الله سبحانه وبينهم نسباً! وهؤلاء هم يعترفون بعجزهم وقدرة الله. وضعفهم وقوة الله، وانكسارهم وقهر الله، فيصححون، لا لقومهم فحسب بل للمشركين كذلك، حقيقة القوة الواحدة الغالبة على هذا الكون ومن فيه.